في الوقت الذي كان فيروس كورونا يفتك بمئات الآلاف من الناس حول العالم، أطلق الجيش الأمريكي بقيادة البنتاجون برنامجاً سرياً في عهد ترامب وبايدن، يهدف إلى نشر الخوف من اللقاحات الصينية والروسية عبر حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مما أدى إلى إثارة الرعب وتشتيت الملايين وتعريض حياتهم الصحية للخطر.
وفي الكشف عن العملية العسكرية الأمريكية السرية، أجرت رويترز مقابلات مع أكثر من عشرين من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين والمقاولين العسكريين ومحللي وسائل التواصل الاجتماعي والباحثين الأكاديميين.
وتعد العمليات النفسية السرية من بين البرامج الحكومية الأكثر حساسية، حيث أبدى القادة العسكريون الأمريكيون مخاوفهم من أن تؤدي دبلوماسية الصين ودعايتها بشأن جائحة كورونا إلى تقريب دول جنوب شرق آسيا الأخرى، مثل كمبوديا وماليزيا، من بكين، ما يعزز طموحاتها الإقليمية.
وبحسب تقارير رويترز، ضغط قائد العمليات الخاصة في المحيط الهادئ، الجنرال جوناثان براجا، على رؤسائه في واشنطن للرد على بكين، طلب القائد من المسؤولين تعزيز شكوك دول شرق آسيا تجاه اللقاحات التي لم يتم اختبارها بعد والتي تقدمها الصين، واعترض ما لا يقل عن ستة من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية والمسؤولين عن المنطقة على هذا النهج، مشيرين إلى أن الأزمة الصحية هي الوقت الخطأ لبث الخوف أو الغضب من خلال عملية نفسية.
رأى البنتاجون أن تأثير واشنطن المتضائل بسرعة في الفلبين هو دعوة للعمل، وقالت المصادر المشاركة في التخطيط والتنفيذ إن “البنتاجون”، الذي أدار البرنامج من خلال مركز العمليات النفسية التابع للجيش في تامبا بولاية فلوريدا، تجاهل التأثير الجانبي الذي قد تحدثه مثل هذه الدعاية على الفلبينيين الأبرياء، وأكد ضابط عسكري كبير مشارك في البرنامج “أنهم لم يكونوا ينظرون إلى هذا الأمر من منظور الصحة العامة”، بل كانوا ينظرون إلى كيفية جر الصين عبر الوحل.
امتدت الحملة العسكرية الأمريكية السرية إلى ما هو أبعد من الفلبين، وسعت إلى زيادة المخاوف بشأن اللقاحات التي تصنعها روسيا والصين، بدأ البرنامج العسكري السري في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، واستمر لأشهر في رئاسة جو بايدن، متجاهلين تحذيرات المسؤولين الكبار حول تأثيره على العالم، حددت رويترز ما لا يقل عن 300 حساب على موقع إكس، أنشئت جميعها تقريباً في صيف عام 2020، وحظيت الحسابات الزائفة التي استخدمها الجيش معاً بعشرات الآلاف من المتابعين خلال البرنامج.
وكان الهدف واحدًا وهو “زرع الشك حول سلامة وفعالية اللقاحات وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة التي تقدمها الصين، تحولت جهود الدعاية العسكرية إلى حملة مناهضة للقاحات بالفعل، وانتقدت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي العسكرية جودة أقنعة الوجه، وأدوات الاختبار، واللقاح الأول الذي كان متاحاً في الفلبين (اللقاح الصيني)، كما استخدم البنتاجون مجموعة من الحسابات المزيفة لنشر الخوف من اللقاحات الصينية تجاه معتنقي إحدى الديانات المهمة، وتمثل جزء أساسي من هذه الاستراتيجية في تضخيم الزعم المثير للجدل بأن اللقاحات تحتوي في بعض الأحيان على جيلاتين لحم الخنزير، وبالتالي فإن اللقاحات الصينية يمكن اعتبارها محرمة بموجب شريعتهم.
وأدان خبراء الصحة العامة الأمريكيين، الذين أطلعتهم رويترز على حملة البنتاجون السرية لمكافحة اللقاح، البرنامج قائلين إنه عرض المدنيين للخطر لتحقيق مكاسب جيوسياسية محتملة، مشيرين إلى أنه برنامج لا يمكن الدفاع عنه، وأبدوا شعورهم بخيبة الأمل والفزع الشديد من قيام حكومتهم بذلك الأمر، وأكد الخبراء أن الجهود المبذولة لإثارة المخاوف بشأن التطعيمات الصينية خاطرت بتقويض ثقة الجمهور بشكل عام في المبادرات الصحية الحكومية، بما في ذلك اللقاحات الأمريكية الصنع التي أصبحت متاحة في وقت لاحق، إلا أن رويترز كشفت عن أنه كان يحظر على الجيش الأمريكي نشر أي معلومات مضللة داخلياً.